الجمعة، 12 مايو 2017

الرأي العام والمواقف السياسية مع ايمان إلياس

الرأي العام والمواقف السياسية
لدراسة الرأي العام يجب أن نعرف مفهوم ( الرأي) ومفهوم ( العام)
نعني بأصطلاح( عام) الأشياء والأحداث التي لا تتعلق بفرد واحد أو جماعة واحدة بل تتعلق بأفراد كثيرين وجماعات مختلفة وجماهير متعددة ومجتمعات محلية متباينة بصفاتها الموضوعية والذاتية، ومراحل تطورها ومشكلاتها . 

نعني بأصطلاح ( رأي ) الفكرة أو العقيدة أو المذهب الذي لم تبرهن صحته في الوقت الحاضر ولم تثبت فرضيلته وحججه، لذا فهو يحتاج إلي براهين وأدلة وتجارب تؤيد صحته وتعزز مبادئه وتثبت فرضياته لكي يتحول إلي حقيقة قائمة . 
إذا دمجنا المصطلحين ( رأي) و( عام) ( الرأي العام) فيكون معناه: مجموعة الأفكار والآراء والمعتقدات المتداولة والمنتشرة بين الناس حول موضوع أو حادثة معينة لن تثبت أو تؤيد صحتها وشرعيتها وقانونيتها لكونها تتعلق بالجوانب الذاتية للأفراد والجماعات ولم يتيسر الوقت الكافي لها ببرهان طروحاتها ومبادئها وفلسفتها.
اصطلاح الرأي العام يستعمل في معنيين مختلفين:
الأول يتميز بالثبات والاستقرار والسكون أي كون الرأي جامدا غير محرك للجماهير ولا يمكن أثبات صحته وشرعيته.
الثاني يتميز بالديناميكية والحركة أي كون الرأي قادرا على دفع الناس لاتخاذ بعض المواقف والقرارات التي من شأنها أن تشبع حاجاتهم .
لكي يكون الرأي ناضجا وقادرا على تحريك الجماهير يجب أن يمر بالمراحل التالية:

يجب أن يدور الرأي العام حول قضية أو مشكلة او ازمة تجذب اهتمام أبناء المجتمع المحلي و تجعلهم مستعدين لاتخاذ المواقف ازائها كالحرب او الثورة.
الاستفسار تجاه القضية او المشكلة كشن الحرب على الأعداء او إنهائها معهم مثلا.
بعد تزويد الناس بالمعلومات و الحقائق و التفصيلات عن المشكلة التي تواجههم و التي تحتاج الى حلول سريعة و جذرية يبدأ هؤلاء باتخاذ المواقف الايجابية او السلبية تجاهها و تبدأ ميولهم و اتجاهتهم تتبلور و تقوى.
بعد المناقشات و المجادلات و الكتابة والخطب و المقابلات و الندوات و المؤتمرات التي يعقدها الناس عن المشكلة المطلوب مواجهتها يتفق جميعهم على رأي واحد و هذا الرأي هو الرأي العام.
اما المواقف السياسية:
هي الميول و النزعات التي يتعلمها الافراد في بيئتهم الاجتماعية و يستخدمونها في تقييم الاحداث السياسية كالحروب و الثورات و الانقسامات العقائدية و المعاهدات والاتفاقيات السياسية بطريقة متميزة و متماسكة تبتعد كل البعد عن التناقض و التنافر.
و اول من استعمل مصطلح "موقف" و "مواقف" العالم هربرت سبنسر عندما تكلم عن موقف العقل الذي يساعد الانسان على التوصل الى قراراته و احكامة حول الامور و القضايا المتنازع عليها.
و قد اخذ الاصطلاح يكتسب معاني جديدة منها استجابة الفرد اامؤثرات الخارجية في طريقه معينة و مثل هذة التعاليم الجديدة اشتقت من تعاليم المدرسة السلوكية لعلم النفس.
و من اشهر الدراسات التي اجريت في حقل المواقف دراسة "الفرد في المجتمع" التي قام بها العالمان كريج و كريجفيلد. ففي الفصل الخامس من هذة الدراسة حاول العالمان دراسة اهم العوامل المساعدة على تكوين المواقف وقد شخصا هذه العوامل كالاتي: مستوى المعلومات التي اكتسبها الفرد من بيئتة الاجتماعية و من تجاربة الحياتية , المصالح و الحاجات عند الفرد و علاقتها بالمواقف التي يحملها , الجماعات المرجعية , الطبقة الاجتماعية  و اخيرا عامل مميزات الشخصية التي يتمتع بها الفرد.
كما حلل العالمان العناصر الاساسية التي تتكون منها المواقف و طبيعة هذه من حيث درجة ايجابيتها او سلبيتها. فالموقف السياسي الذي يحملة معتقدات و اراء و مفاهيم هو الشعوراو الحركة .
كما حددت دراسة المواقف االتي قام بها العالمان الاساليب التي من خلالها يمكن تغيير المواقف وتبديلها خلال فترة زمنية معينة، فلو أردنا تغيير المواقف التي يحملها الفرد فأننا يجب أن نغير مستوى معلوماته عن الحوادث والأشياء المحيطة به، ونغير الجماعات المرجعية المختلفة التي ينتمي اليها، ونخفف من الآثار المباشرة التي تتركها طبقته الاجتماعية عليه، ونغير طبيعة حاجاته ومصالحه بتغيير ظروفه الاقتصادية والاجتماعية، واخير ينبغي علينا تغيير السمات الأساسية لشخصيته، وعملية كهذه تستغرق وقتا طويلا وتحتاج إلى جهود مضنية تتعلق بتغيير بيئة الفرد ومكوناته السيكولوجية.
العوامل المؤثرة في تكوين الآراء والمواقف السياسية
العوامل الذاتية.
الجماعات المرجعية.
أثر الطبقة الاجتماعية.
عامل القيادة.
وسائل الاعلام الجماهيرية.
العوامل المؤثرة في تغيير السلوك السياسي
أن تغيير الآراء والمفاهيم والمواقف السياسية الذي يدعم ما يعزز تغيير السلوك السياسي ويضمن تحقيقه وإبراز معالمه الجوهرية في المجتمع لا يتأثر بعامل واحد بل يتأثر بمجموعة عوامل جوهرية كتبديل الوعي السياسي والمعرفة السياسية للفرد وتبديل وظائف واديولوجية الجماعات المرجعية التي ينتمي إليها ونبديل وعيه الاجتماعي والطبقي وتغيير ظروفه الاقتصادية والاجتماعية والثقافية واخيرا تبديل السمات الاساسية لشخصيته وحاجاته النفسية والادراكية.
ان استعداد وقدرة الفرد على تغيير آرائه ومواقفه السياسية تعتمد على عدة متغيرات هي:
تطرف وتعصب الآراء والمواقف السياسية.
تعقد وتشعب الآراء والمواقف السياسية.
اتساق الآراء والمواقف .
أثر الآراء والمواقف السياسية في سد وإشباع حاجات الفرد.
اشتقاق الآراء والمواقف السياسية من القيم والمقاييس الاجتماعية التي يؤمن بها الفرد.
  
أثر الأحزاب السياسية في تكوين الرأي العام
الأحزاب السياسية هي من الجماعات المرجعية المهمة التي تشارك مشاركة فعالة في تكوين وبلورة أو تبديل الآراء والمواقف التي يحملها أبناء الشعب إزاء قضايا وأمور سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية معينة تهمهم وتهمها وتهم المجتمع الكبير.

تستطيع الأحزاب السياسية التأثير في أكار وآراء ومواقف الجماهير من خلال دعمها وبلورتها أو تبديلها لكي تنسجم وتتوافق مع اديولوجيتها وفلسفتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية إذا توافرت الشروط التالية:
كون الحزب حزبا جماهيريا وشعبيا غرضه خدمة الجماهير وتحقيق أهدافها ومصالحها، وأن اديولوجيته وممارسته مشتقه من الواقع الاجتماعي للجماهير.
إشغال الحزب لمراكز السلطة والدولة خصوصا إذا كان الحزب حزبا قائدا.
عدم وجود الانقسامات والانشقاقات السياسية والدينية والقومية والاجتماعية في المجتمع .
تعصب وتعنت أغلبية أبناء المجتمع لأفكار ومعتقدات وآراء ومواقف نقيضه للأفكار والمعتقدات التي يريد الحزب تكوينها ونشرها.
تستطيع الأحزاب السياسية تغيير الآراء والمواقف في اتجاه معين إذا كان التغيير ينسجم مع طموحات ومصالح أبناء المجتمع.
عدم تناقض آراء ومواقف الجماعات المرجعية الأخرى كالعائلة والجامع والكنيسة مع الآراء التي تريد الأحزاب السياسية نشرها وترسيخها في المجتمع.
لا يستطيع الحزب تكوين الآراء والمواقف أو تغييرها خلال فترة الأمد القصيرة.
لكي تستطيع الأحزاب السياسية التأثير في الرأي العام لابد من وجود أجهزة حزبية تتولى مهمة عمل الدعاية للحزب. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق